هشام الحمامي يكتب: الغضب الساطع أتي.. في وقته تماما أتي

ذات مصر

في الوقت الذي يبدو فيه النظام(الأنجلو/أمريكي) الذي سيطر على العالم كله تقريبا من بعد الحرب العالمية الثانية وتحديدا من سنة 1945م.. يبدو فيه متراجعا بقوة، فاسحا المجال، لفوضى عالمية، أو ما هو قريب من الفوضى. 

في هذا الوقت الدقيق الخطير سيكون علينا قراءة المشهد الفلسطيني قراءة جديدة..وهي القراءة التي سيبرز لنا فيها نوع جديد من (النضال الفلسطيني) الذي سيتميز بأهم خصائصه الجديدة، خصيصة التفوق النوعي البارع. 

فأبطال المقاومة الإسلامية الذين أفزعوا إسرائيل والسلطة والنطاق الإقليمي والدولي في 7 أكتوبر.. كانوا بالفعل، الحالة الأكثر سطوعا ونصاعة في سماء النضال الفلسطيني عبر السبعين عاما الماضية.. 

***

قادة وزعماء وعماليق العرب.. الذين (أوفوا بكل تعهداتهم) تجاه من ساعدهم على المجيء بعد الحرب العالمية الثانية (1945م).. وكانوا يتخفون تحت شعارات الحماسة القومية في الأبواق.. والقسوة الساحقة مع الناس فى البيوت والاسواق .. كانت خريطة الشرق الاوسط على مكاتبهم.. 

وكان أبرزمصاديق هذه الخريطة، هو ضمان بقاء إسرائيل على الأقل 100 سنة من تاريخ إنشائها.. والمنع البات والقاطع لقيام (وحدة عربية) بين مساحات جغرافية متصلة ومتسعة ..مصر والسودان مثلا .. سوريا ولبنان والأردن.. العراق ودول الخليج. 

فقط السعودية تم استثناءها.. وكلنا نعرف الظرف التاريخي الدقيق الذى تكونت فيه.. ولو كان قد قٌدر للثقة والتفاهم بين حكومة الملك عبد العزيز(ت/1953م) وحكومة رشيد الكيلاني (ت/1965م) في العراق وقتها أن تمتد.. لتم ضبط الأمور فى الخريطة على نحو يحقق للشرق العربي مكانة أكبر كثيرا مما آلت اليه الأمور بعدها.

***

وللأسف الأسيف في هذا التوقيت الأخطر تاريخيا لا تزال السلطة الفلسطينية تحاول القيام بالدور البالى للدولة العربية الحديثة بعد الحرب العالمية الثانية، فى محاصرة وملاحقة القوى الوطنية.. بل وضربها وتعجيزها.. 

***

الجميع الأن ينظر.. وينتظر (طوفان الضفة) والذى تحاول السلطة منعه بكل الوسائل القمعية الدنيئة، مدعومة بكل أدوات وشراسة الاحتلال، لكن (الفدائيين الجدد) في جنين وبلدات الضفة كان ردهم قاطعا حاسما عظيما مشرقا فقالوا: 

فان كنت لا تستطيع دفع منيتي ** فدعني أبادرها بما ملكت يدي..

والأيام القادمة ستكشف كيف يبادر الابطال، وكيف يملكون أمرهم.. 

***

سيكون علينا أن نتذكر دائما وأبدا وكل ساعة ويوم.. في خضم هذا الصراع الرهيب،أن ما يفعله (نتنياهو) و(جالانت) و( وجانتس) و(هاليفى)..ما هو إلا تكليف محدد وواضح من (دافعي الأجرة) القدامى..

لا تغرنكم وجوههم المرسومة المنحوتة بكل الأكاذيب والادعاءات الخادعة .. إنهم حرفيا، مجرد (خدم أجراء). 

وعلى رأى شاعر الوجع القديم احمد فؤاد نجم ت/2013م (إحنا شايفين الخواجة، واللي جايبين الخواجة، وإحنا كاشفين كل حاجه...).. والخواجة في التراث الشعبي هو كل غريب أجنبي.

***

كانت أمريكا تأمل في التفرغ للصين وروسيا و تترك إدارة المنطقة لمحور (إسرائيلي/ عربي)!! وقالها بايدن صراحة: لن نسمح بفراغ استراتيجي في الشرق الأوسط تملؤه الصين وروسيا .. 

واختارت أمريكا ورقتها الخطأ في التوقيت الخطأ: (ورقة التطبيع) .. التطبيع بين إسرائيل ودول عربية محددة للقيام بهذه المهمة، مع الإمعان في تهميش (القضية الفلسطينية) إلى أبعد حد. 

***

وجاءت 7 اكتوبر كمطرقة فولاذية على رأس هذا الترتيب الأكثر غباء في كل نقاطه، وأنكشف الضعف الشديد (للخفير الأجير) الذي يقوم بدوره الوظيفي المنوط بهالاعلانات.. 

وانتبهت أمريكا بأكثر مما انتبهت في 1967م أو في 1973م .. انتبهت إلى ضرورة أن تكون حاضرة، وبقوة، وبنفسها في المنطقة .. قال لنا ذلك إيهود باراك (81 سنة) رئيس وزراء إسرائيل الأسبق الذى كتب في (يديعوت احرونوت) يوم 16 نوفمبر الحالي يقول: الولايات المتحدة مشاركة في الحدث بشكل عميق وغير مسبوق.. 

صدق الرجل، وكان سيكون أكثر صدقا لو قال صراحة أن أمريكا هي من تحارب (حماس)! 

***

العالم كله يدرك أن من يدير الحرب هي أمريكا، من اليوم الأول حركت جميع ألاتها وعتادها العسكري باتجاه الشرق، وزودت إسرائيل بجيش الدلتا والمارينز، والاستخبارات العسكرية والأمنية الكاملة.

أمريكا هي من يشيع وينشر أن حماس هي داعش، وليست حركة مقاومة وتحرير. 

أمريكا هي من تمنع وصول الإغاثة الطبية والغذائية لأهلنا فى غزه، وهي التي أخرجت جميع المنظمات العالمية من غزه لمنعهم من تقديم واجباتهم الإنسانية، وهي من تخرق قوانين الحرب وحقوق الإنسان وحرية الصحافة وحقوق المدنيين. 

أمريكا هي من تشجع على جرائم الحرب والإبادة الجماعية لأهلنا في غزة. 

لماذا تفعل أمريكا ذلك ..؟؟ 

لأنها هي (الرافعة الكبرى) للغرب الاستعماري، بن القرن الـ 19 والقرن الـ 20.. وإسرائيل هي الأجير الوظيفى الذى يقوم بـ(الوظيفة)الذى تم الاتفاق مع (تيودورهرتزل ت/1904م) عليها من 1897م.. 

لكن الغضب الساطع أتي، وفي أكثر أوقاتنا انتظارا واحتياجا له أتي .. والأروع .. والأروع، أنه فى أسوأ أوقات إسرائيل أتي.. وفي أسوأ أوقات الغرب حضاريا واستراتيجيا أتي.