هشام الحمامي يكتب: عباس والشرعية الدولية .. (بالوعة التفاهة والتافهين)

ذات مصر

صرح السيد حسين الشيخ أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية من يومين(14ديسمبر) قائلا: على حماس الاعتراف ببرنامج (منظمة التحرير) والجلوس في (مربع الشرعية الدولية) والقانون الدولي، لحماية المشروع الفلسطيني .. 
وأضاف قائلا: (حماس) أدارت ظهرها لكل مطالب الإجماع على برنامج سياسي وآلية نضالية واحدة، و(نحن) اليوم ندفع ثمناً كبيراً مقابل ذلك، ودعا بكل (انسجام ذاتي وموضوعي) إلى حوار وطني شامل.
كان الرجل جادا في حديثه، وتبدو على سيماه كل علامات النشاط التاريخي الموصول بالنجاحات المتصلة في طريق النضال الطويل ذو(الألية الواحدة)..كما قال ! 
ليس هذا فقط، بل وكان ويبدو عليه الاقتناع التام بتصوراته عن الواقع الذى يراه ويعيشه ..لذلك فقد أمتلك من الشجاعة كل هذا القدر الذى لا يمكن لبشر من امتلاكه جملة  واحدة .. 
***
الرجل تحدث عن (منظمة التحرير) وتحدث عن (مربع الشرعية الدولية) ودفع بالموضوع كله مرة واحدة في مساره الأعظم، وهو (حماية المشروع الفلسطيني)  .. 
***
فمن هو حسين الشيخ؟ وما هو (مربع الشرعية) الدولية؟ ولماذا هو مربعة؟ وليس مثلث أو(مستدير) مثلا؟ 
وما هو المشروع الفلسطيني المهدد والذي يجب حمايته؟ وستتداعى الأسئلة في هذه النقطة تحديدا.. لكن أخطر سؤال هنا حمايته مِن مَن؟  
وأخيرا ما دلالات التوقيت الذي يحدد فيه الرجل لنفسه: ما عليه، و الذى على غيره؟ 
***
(.. هو شخص بدأ كجزء من الشعب ولكنه أصبح معزولا تماما بالنسبة لأجزاء كبيرة من الشعب، فهو يمثل كل أخطاء السلطة الفلسطينية: منعزل عن الواقع، وفاسد، ومرتبط بإسرائيل… ) هكذا وصف رئيس المخابرات العسكرية السابق في الجيش الإسرائيلي (تامير هايمان/55 سنة) السيد حسين الشيخ لمجلة فورين بوليسي الأمريكية الشهيرة. 
***
تقول الحكاية التي وراءها وخلفها ألف حكاية وحكاية أنه في 3/8/2023م نشر موقع (تايمز أوف إسرائيل) ما يلى: ورد الينا أنه تم إغلاق تحقيق في عام 2012 بشأن مزاعم بالتحرش الجنسي ضد مسؤول فلسطيني كبير وخليفة محتمل لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس (88 سنة) بعد دفعة مبلغ مقابل الصمت بقيمة 100 ألف دولار.. 
وجاء هذا الكشف في مقال يسرد مسيرة وزير الشؤون المدنية في السلطة الفلسطينية وأمين سر للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حسين الشيخ، نشرته مجلة (فورين بوليسي) يوم الاثنين. في 31/7/2023م
وأجرت المجلة الأمريكية مقابلات مع 75 مسؤولا حكوميا وشخصيات أخرى مطلعة على صعود (الشيخ) إلى أحد أقوى المناصب السياسية في الضفة الغربية، حيث يعد أحد أقرب مستشاري عباس.. 
وقالت المجلة أن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية كانت تسعى إلى نجاح (الشيخ)لدرجة أنها تواصلت مع مراسل في صحيفة (هآرتس) كان يخطط لنشر مقال حول مزاعم التحرش الجنسي، وتوسلت إليه لشطب المقال ورفض المراسل الطلب، ونشر مقال يصف كيف تحرش(الشيخ) لفظيا بمهندسة تكنولوجيا المعلومات في وزارته، وشرع في لمسها حتى بعد أن رفضته، ثم صفعته المرأة وصرخت في وجهه وغادرت المكتب.              
وقدم زوجها فيما بعد شكوى رسمية ضد الشيخ تم سحبها بعد الدفعة، وقال (الشيخ) للمجلة إن المقال كان دعاية سلبية ضدي ورفض الرد على الادعاءات فيه..
***
حين يكون الراعي ذئبا .. هذا هو السيد حسين الشيخ (63 سنة).. ولا تعليق من ناحيتنا على كل ما ذٌكر عنه .. فهذا لا يهم. 
الأهم هو معرفة ما هو (مربع) الشرعية الدولية الذى يدعو إليه ..فالرجل في 4 مارس 2022 كتب على صفحته (الفيسبوك)ينعى ضياعها قائلا: عندما يصبح اللون والدين والعرق هوية، تضيع القيم والأخلاق والإنسانية وعندما تكال الشرعية الدولية بمكيالين، تضيع العدالة ويسحق الحق وتستبد القوة.                                               عشرات القرارات من (الشرعية الدولية) ضاعت وسحقت أمام جبروت القوة وغياب التطبيق لها، وما زال شعب فلسطين ضحية الاحتلال وغياب العدالة.
***
هكذا تحدث الرجل عن(الشرعية الدولية)ومربعها الذى حدد أضلاعه بنفسه!.. ليس هذا فقط بل ويدعو (حماس) الى الدخول فيه ..ومتى ؟ 
بعد أن ضاع وتم سحقه ..  ذاكرات أتت عليها النيران!
***
أما (ماهية) المشروع الفلسطيني؟ فهذا بالطبع سيحيلنا إلى حلمه الأخير إن شاء الله (أوسلو/1993م) والذى مضى عليها 30 سنة بالتمام والكمال، ولم يجد الناس بعده في أيديهم إلا أيديهم .. 
أنا هنا لن أتحدث عن نظرة (حكماء الفلسطينيين) لها والذين عرفوا مبكرا، ومبكرا جدا، إلى أين يريدون الذهاب بالقضية الفلسطينية كلها، مثل المفكر الكبير الراحل (إدوارد سعيد/ت2003م) الصوت الأقوى دوليا في الدفاع عن القضية الفلسطينية وكتابه الشهير (سلام بلا أرض). 
ولا الشاعر الكبير الراحل محمود درويش(ت/2008م) .. الذى حول أغاني التيه الفلسطيني إلى بشارات للعودة القريبة ، والذى لم يكن شاعراً فحسب، بل كان مفكراً يتميز بالعمق والأفق الواسع ،والرؤية ،والبصيرة النافذة  والذى رأى في اتفاق (أوسلو) خطيئة أكبر من أن تغتفر.. 
ورفض تأييده وقدم استقالته من عضوية المكتب التنفيذي لمنظمة التحرير الفلسطينية ورفض الانضمام إلى السلطة الفلسطينية وتسلم منصب وزير الإعلام في عهدي الراحل ياسر عرفات ومحمود عباس.. 
***
لكنى فقط سأشير الى تغريده قالها السيد حسين الشيخ نفسه، واتهم فيها نتنياهو بتحطيم(أوسلو) تحت جنازير الدبابات:( ونحن نقول لنتنياهو أن أوسلو ماتت تحت جنازير دباباته التي تجتاح كل مدننا وقرانا ومخيماتنا من جنين حتى رفح..)
وطبعا هنا لن نسأل عن تهديد (المشروع الفلسطيني) فالرجل أغنانا عن تحديد مصدر تهديده ..
***
نأتى إلى دلالات التوقيت الذى يصرح فيه الرجل بكل ذلك .. 
بالطبع الرجل يعزف على نفس اللحن الإسرائيلي/الأمريكي وهو مستقبل(غزة بعد الحرب)..وهو حديث عابث بطريقة مضحكة للغاية ، ولا أدرى هل فعلا من يتحدث به يعنيه ويقصده؟  
أم هي حالة (الهرطلة الدولية العامة) التي أوقع فيها الحاج يحى والحاج ضيف الجميع..
أعذرنى سأضطر هنا الى قول ما قاله وزير خارجية إسرائيل ، للمحترم الخلوق جوتيريش أمين عام الأمم المتحدة : أين تعيش يا رجل ؟ لأنه كذَبه وكذَب دولته في الرواية التي يريدون (تجريعها) للعالم كله تجريعا ..مع الفارق الكبير بيني وبين الأول، وبالطبع بينك وبين الثاني . 
***
يقولون إن ضعف القوة يحصل لمن لا يؤمن إلا بالقوة.. وهو قول صحيح تماما. 
لكن هناك مشكلة حقيقية أن تكون في واقع، والعالم كله من حولك في واقع أخر بالكلية ، الواقع الذى ليس هو إلا (الحقيقة) ذاتها فى أم عينيها.
الحقيقة التي تعلن كل يوم هزيمة إسرائيل .. وللأسف هزيمتك أنت (شخصيا) وهزيمة مشروع (حفلة التفاهة) التي تعيش فيها أنت ومن معك وحولك ..
مع الاعتذار للراحل الجميل العم (ميلان كونديرا ت/2023م ) الذى رحل عنا بعد كشف الغطاء عن بالوعة التفاهة والتافهين .
أما لماذا (شرعيتك الدولية) مربعة وليست مثلثة ولا(مستديرة) مثلا؟ 
فأحيلك الى أبو الكتاب العرب (الجاحظ ت/868م) وسيقول فيك وفيها، ما يكفى في رسالته الشهيرة إلى احمد بن عبد الوهاب.             ( التربيع والتدوير) .